في مجتمعنا سريع الوتيرة، يجب علينا مواكبة العمل لساعات طويلة دون الأخذ في عين الاعتبار ما إذا كان هذا النمط يؤثر علينا بالسلب أم الإيجاب، كثيرا ما تحدث الخبراء عن كيفية الموازنة بين ساعات العمل والحياة الشخصية ولكن قلما نجد السبل الصحيحة لتحقيق هذه المعادلة، هذه المقالة سوف تساعدك في مراجعة نفسك وإعادة التفكير في طرق لكسر حلقات العمل الطويلة، الحياة والعمل! معا لتحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة.
كلمة تتردد كثيرا على مسامعنا، ما هو التوازن بين العمل والحياة الشخصية؟
هل قررت يوما أن تحسب عدد الساعات التي تقضيها في العمل لا نعني فقط تلك الساعات المكتبية التي تقضيها في مكان العمل بل أضف إليها أيضا أي أمور تقوم بها في حياتك اليومية متعلقة به، على سبيل المثال: تصفح محركات البحث لاستطلاع اّخر ما وصل إليه منتج الشركة أو مكالمات هاتفية تخص العمل أو التواصل مع العملاء لمطالعة رأيهم في حملة التسويق الأخيرة، يأخذ العمل العديد من الأنماط في حياتنا تارة في المداومة لساعات إضافية لإنجاز بعض المهام التي يتوجب عليك تسليمها في أقرب وقت ممكن وتارة نجد أنفسنا منغمسين فيه بلا توقف حتى بعد العودة إلى منازلنا وبلا وعي عن عدد الساعات التي قضيناها.
عد خطوة للوراء، كم تقضي من الوقت وأنت تعمل!
ستصاب بالدهشة الاّن حين تجد أنك تقضي أكثر من ثلث يومك وأنت تعمل بلا توقف، وستذهل أكثر حين تكتشف أنك بعيد كل البعد عن عائلتك وأحلامك التي طالما رسمتها للاستمتاع بوقت فراغك وممارسة فضلى هواياتك، على الأرجح قد تكون نسيت ما هي هوايتك المفضلة التي تعطيك متنفس ولو صغير يساعدك على الاستمرار بطاقة أكبر، هذا ما تعنيه كلمة التوازن بين العمل والحياة الشخصية، أن تقوم بعملك على أتم وجه ولكن في حيز ساعات العمل فقط من دون أي إخلال بحياتك الشخصية خارج نطاق هذه الساعات.
كنا نعلم ولكننا لم نعمل! ما هو انعكاس ساعات العمل الطويلة على صحة الموظف البدنية والنفسية؟
استرجع للحظة كيف كان نشاطك، مستواك الإبداعي، وقدرتك على حل المشكلات التي تواجهك في العمل في بدايات فترة توظيفك. يمكن الجزم أنها أصبحت أقل بكثير مما كانت عليه في السابق، الاّن حاول تقييم معرفتك باّخر تطورات ابنك الدراسية أو تذكر المرة الأخيرة التي قمت فيها باصطحاب ابنتك وزوجتك إلى النادي الاجتماعي وقضاء بعض من الوقت العائلي الخالي من التشويش الهاتفي. نكاد نجزم أن تذكر هذه الفترة استدعى منك بعض الوقت. يعتبر هذا أوضح تأثير للعمل لفترات طويلة على حياتك انتاجيتك بوجه عام.
تناسب عدد ساعات عملك مع إنتاجيتك
من المدهش قول أنه تتناسب عدد ساعات العمل تناسب عكسي مع إنتاجية الموظف، فمع مرور الوقت يصبح معدل الخطأ الذي تقوم به أعلى وتقل شرارة الأفكار الإبداعية التى تبادر عقلك، بالإضافة إلي ازدياد رغبتك الدائمة لترك الوظيفة الحالية وفي معظم هذه الأحيان يصاحب تلك الرغبة قلق وهلع من فكرة أن تتحول إلى عاطل عن العمل إذا استمر الوضع على ماهو عليه، وإن داومت هذه الأفكار عقلك فسينتهى بك الحال لحال أكثر سوءا.
تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية يساعدك على أخذ قسط من الراحة في التفكير في العمل وبهذا يحافظ على وتيرة جيدة من الأبداع والتقليل من الضغط بل ويساعدك على تنفيذ خطتك المهنية
فيمكنك الفصل التام بين العمل والحياة الشخصية والوصول لهذا التوازن قد يبدو دوره ثانوي لكن صدقنا عندما تستمر في السعي ستدرك قيمة تحقيق هذا التوازن بين العمل والحياة.
الأثر السلبي التي يولده فقدان التوازن بين الحياة المهنية والشخصية
فقدان الرغبة في العمل، القلق الدائم من المستقبل، عدم الاهتمام بالتغذية السليمة وممارسة الرياضة، يعد السابق من بعض الأعراض التي تواجه فئة كبيرة من المجتمع حاليا ويرجع هذا إلى عملهم لساعات زائدة بشكل متواصل نظرا لتعرضهم لضغوطات في مكان العمل بشكل مستمر بما يتعارض مع الساعات التي يقضونها بصحبة عائلاتهم أو حتة في عزلة بمفردهم.
لا تصيبك الدهشة بحجم المخاطر الصحية والنفسية التي يتعرض لها الإنسان خلال عمله لساعات طويلة، عدة أبحاث تصدرت الساحة خاصة في فترة الحجر الصحي بسبب فيروس كورونا، منها الذي صرح بأثر الضغط الذي يتعرض له العمال في هونغ كونغ جراء العمل لأكثر من ثمان ساعات يوميا، وفي اليابان البعض يصل إلى مراحل متأخرة من الاكتئاب والعزلة الاجتماعية ودائما ما يهدده شبح الانتحار، ولكن السائد في كل هذه الأبحاث أن برغم توفر قوت اليوم لدى الموظفين إلا أنهم غير قادرين على الشعور بالسعادة.
تأثر الصحة البدنية بالعمل لفترات طويلة
يولد عدم التوازن بين العمل والحياة الشخصية لدى الموظفين العديد من المشاكل الصحية بسبب قلة فترات النوم الناتجة عن العمل الدائم وعلى المدى البعيد يخلف هذا أضرارا جسيمة على صحة الشخص مما يجعله أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز العصبي مثل فقدان الذاكرة وأمراض مزمنة مثل السكري ليس هذا وحسب بل يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
والمهم ذكره، أن العمل لفترات طويلة يمنعك من القيام بنشاطات بدنية منهما ممارسة الرياضة، حتى الاهتمام بقدر من التوازن بين الجلوس على المكتب والحركة، في بعض الأحيان قد يؤدي ضغط العمل إلى زيادة مشاكل العمود الفقري والرقبة نظرا لأن طبيعة العمل تحتم عليك الجلوس لفترات طويلة.
بالنسبة للموظفين، ما هو تعريف التوازن بين العمل والحياة الشخصية والمهنية؟
بحسب ما ذكرته صحيفة فوربس في بحث أجري على ما يزيد عن ١٠٠٠ موظف من الولايات المتحدة، قد تم سؤال الأشخاص عن ماهو الشئ الذي ينافس أهمية الثبات المادي صرح 90% ممن أجري عليهم البحث أن التوازن بين الحياة المهنية والحياة الشخصية يضاهي أهمية الاستقرار المادي، وهنا يمكننا التصريح عن معنى التوازن بين العمل والحياة : هو الدمج بين الحياة الشخصية والمهنية مما لا يجعل العمل محور حياة الشخص ولا يمس بقائمة مسؤولياته الشخصية الأخري.
كيفية كسر الحلقة المفرغة! ٤ نصائح تساعدك على تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية والمهنية
ليس مجرد قرار تتخذه في لحظة وينتهي الأمر، بل هي دائرة من التفكير والأسئلة لمراجعة حساباتك، ما إذا كانت حياتك الشخصية متأثرة بالعمل، ماذا عن الوقت القيم الذي تقضيه بين العمل والمنزل، هذا ما وصفت به مدرسة هارفارد للتجارة القائمة في الولايات المتحدة التوازن بين العمل والحياة: دورة وليست إنجاز لحظي، دعونا نتعرف على ما يمكن فعله لتحقيق التوازن بين العمل والحياة:
1. كما فعلت، عد خطوة للوراء
اسأل نفسك الاّن: هل أنت مهتم بوقتك الخاص كما تهتم بإنجاز مهامك بالعمل؟ ماذا عن الوقت الذي أقضيه في المنزل مع أسرتي؟ متى كانت اّخر مرة ذهبت في إجازة؟ هل أستطيع إدارة وقتي بشكل أفضل مما كنت؟ هل أنا مهتم بالحفاظ على الصحة كما أنا مهتم بعبء العمل؟ تأمل هذه الاسئلة جيدا وقد تكون الإجابة تكمن هنا، تواصلك مع عقلك يساعد بشكل كبير في الحفاظ على وضع أسس دائمة لنمط وقتك والعمل بشكل مستمر على تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
2. اهتم بما تشعر به واتخذ قرار عندما تكون في وقت ضغط
في الكثير من الأحيان نتجاهل أثر عبء العمل على صحتنا النفسية، ننغمس في الحياة العملية دون توقف، هنا يجب علينا إدارة الأمر بطريقة أفضل وأكثر وعيًا. كم مرة قررت استغلال وقتك بعد إنجاز المهام المفروضة عليك في العمل في إجازة كلية، يعني أن تبتعد عن مطالعة البريد الإلكتروني وتبتعد تمامًا عن وسائل التكنولوجيا الحديثة أيضًا، يمكنك الاستفادة بهذه الإجازة في قضاء بعض الوقت مع عائلتك، أو ممارسة هواية مفضلة لديك، وقد يكون الأفضل لك هو الهدوء التام بالمنزل وإعادة تحديد أهدافك وأولوياتك.
3. لا مانع من إعادة تحديد أولوياتك!
بعد إجازة مستحقة، يبدأ عقلك في مراجعة ذاتية لأولوياته، فأخيرًا أتت الفرصة لخلق وضع أفضل من أجل نفسك لتحقيق التوازن بين وقتك في مكان العمل وحياتك الشخصية، هنا يمكن أن يكون ترتيب وضع حياتك هو الحل الأمثل، مثلا: قم بالتخطيط للأنشطة تقوم بها مع عائلتك لكن تذكر! يجب أن ابتعد عن أي وسيلة اتصال بالتكنولوجيا حتى لا تبدأ دورة المطالعة لمدة خمس دقائق فقط أو لعشر دقائق وحسب.
بالإضافة إلى هذا، سيكون من الأفضل تحديد وقت مسبق لممارسة هواية تضفي شيئا من الحياة على وقتك، ويجب أن تكون بعيدة كل البعد عن طبيعة العمل التي تقوم به، عندما تهيئ عقلك أن هذا الوقت من أجل نفسك فقط، سوف تلاحظ زيادة إنتاجيتك في أي عمل تقوم به وطاقة أكبر في إنجاز المهام لديك.
4. ماذا لو كانت بيئة عمل سامة! هناك بدائل بالتأكيد
تحاول بأقصى جهد ممكن لتحقيق التوازن بين العمل والحياة ولكن تمنعك ظروف العمل من الحفاظ على وقت لك في المنزل بعيدا عن البريد الإلكتروني، ماذا إذا كان الذهاب في إجازة خيار غير مطروح، هنا يا عزيزي أنت عالق في بيئة عمل سامة، تمنعك من وجود حياة خارج العمل فماذا يجب عليك القيام به في هذا الأمر! البحث عن بدائل بشكل فعال وسريع
هنا يجب عليك الحفاظ على قرارك ولا تتبع تصرف الموظفين دون التفكير، أعتذر بلباقة عن القيام بأي مهام خارج وقت العمل، الذهاب إلى إجازة ليس محض رفاهية إنما هو طريقة يمكنك الحفاظ بها على الصحة النفسية لديك، وضع نظام معروف بالعمل أنه وقت الاستراحة القصيرة مثل استراحة الغداء أو نحوه هو وقتك وحسب ليس الوقت الذي تنجز فيه المهام الثانوية التى تتطلب منك.
أعرف أنك تفكر الاّن؛ وضع حدود لك سوف يدخلك في دائرة مقارنة داخلية وخارجية مع زملائك، لكن هنا يجب عليك التفكير أن حياتك الشخصية على نفس درجة الاهمية مع عملك، والأكثر أهمية من هذا كله أن صاحب العمل لا يمكن الاستعواض عنك بسهولة لأن هذا سوف يكلفه وقت وجهد مادي أكبر مما تتصور، سواء خلال عملية التوظيف أو خلال فترة التدريب، وانظر إلى جوانب المنفعة وسوف تلاحظ الفارق عندما تكثف مساعيك لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
خطوات بسيطة وسريعة لبدء تغيير نمط العمل وتحقيق التوازن
- قدس وقت الراحة كما تقدس الوقت في العمل، حياتك الشخصية هي أولوية أيضا لا يمكن الاستغناء عنها مهما تكلف الأمر
- توقف الاّن عن مطالعة رسائل البريد الإلكتروني في العطلات الأسبوعية أو خلال وقت تناولك الطعام على المائدة، ردد دائما أن وقت العمل للعمل
- لا تقارن نفسك، ليس عليك إفناء نفسك للعمل كما يفعل بعض الموظفين، سيؤدي هذا في نهاية المطاف إلى احتراقك النفسي
- أبدأ بتنظيم الوقت الذي تخصصه لحياتك الشخصية وتذكر نصيحتنا أجعل نفسك بمنأى عن وسائل التكنولوجيا
- يمكنك استغلال إجازاتك بطريقة أفضل، يعني أن تمنع التفكير في أي من أعباء الحياة، استمتع بما تملكه من الوقت الاّن
- يمكنك الحصول على استراحة قصيرة إذا تكلف الأمر! عندما تزيد الضغوطات والعمل يكون مجهد، تنصح الأبحاث الموظفين بأخذ استراحات قصيرة من العمل بين ربع ونصف الساعة لاستعادة انتاجيتهم
خاتمة
في الخاتمة نود اخبارك ان النجاح الحقيقي يكون بالتوازن بين العمل والحياة، لا تجعل العمل يطغى على الحياة الشخصية، نعلم أن تحقيق التوازن ليس سهلا لكنه ممكن! ننصحك يا صديقي أن تعمل على الوصول لهذا التوازن، حتما ستصل!
إذهب إلى حسابك وقم بإضافة تعليقك